قال الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامية اية الله سماحة السيد ابو القاسم الديباجي نحن المسلمين في هذا العصر لا نعاني من الكفار وليس لدينا مشكلة معهم، وانما نعاني من المنافقين الذين يتخذون من الاسلام ستارا لارتكاب جرائمهم بحق الانسانية، موضحا ان أكثر من نصف العراق وثلث سورية يقعون ضحية المنافقين الذين يعيثون في الأرض فسادا.
ووصف الديباجي في مؤتمر عقد في ديوانه بعنوان دور الاديان والحضارات في محاربة التكفير والارهاب ما يجري في بعض البلدان الاسلامية من عمليات تقتيل بالكارثة، فالمسلم يقتل أخاه المسلم دون تفكير، لدرجة ان وسائل الاعلام باتت تتناول هذه المآسي وكأنها أمر عادي، نحن أصبحنا كالمجانين من كثرة عمليات القتل والتشريد والدمار الذي لحق بتلك البلدان وأهلها.
وأشار الديباجي الى انه تم خلال مقابلته مع بابا الفاتيكان التأكيد على انه لا يمكن محاربة الارهاب الا من خلال العلماء وقادة الدين والمفكرين، متابعا «أوضحنا للبابا ان ما يرتكب من أفعال اجرامية باسم الاسلام ليس لها صلة بدين الاسلام».
ورأى الديباجي ان مسألة نقد الذات ستكون مدخلا لاصلاح بعض الأمور، لافتا الى ان المشكلة الجوهرية تكمن في رفض الكثير لمسألة النقد.
وتابع: طالما نرفض مبدأ نقد الذات، اذن لن يكون هناك اصلاح ولا حوار أديان، «من أصلح بينه وبين الله أصلح الله بينه وبين الناس».
وحول مشاركة رئيس جماعة علماء العراق في هذا المؤتمر، قال «بمشاركة ضيفنا الغالي في هذا المؤتمر الذي يقام على أرض الكويت الحبيبة يمكننا القول ان هذه الليلة دفنت الطائفية».
فتنة سوداء
من جانبه قال رئيس جماعة علماء العراق ومستشار الرئيس العراقي الدكتور خالد الملا ان المسلمين في كل أنحاء العالم، وخصوصا في منطقتنا يعيشون أزمة حادة وفتنة سوداء، لكن يبقى مقابل هذه الفتن بصيص من النور يطل على مثل هذه الأجواء التي تتآلف فيها القلوب، مبينا ان هذه الجلسة التي تجمع كبار العلماء والفقهاء دليل على أننا سنتجاوز هذه المحن والفتن.
وأضاف ان هناك حقيقة علينا فهمها وادراكها بشكل صحيح حتى لا تحدث مشاكل وهي ان البشرية أصلها واحد وان تعددت الأديان والمذاهب والأفكار، مبينا ان شريعتنا الاسلامية جاءت متطابقة مع هذه الحقيقة، حيث قدر المولى عز وجل ان ننتمي لهذا الدين خاتم الأديان.
وقال «ان الأصل في الاسلام هو التسامح والتعايش وقبول الاخر وليس رفض وتفسيق وحرق الاخر كما يحدث في العراق وسورية، مستذكرا وثيقة المدينة المنورة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حيث وضعت الحقوق ونظمت الواجبات».
ولفت الى ان الكل في العراق يقتل سواء كان سنيا أو شيعا أو كرديا أو يزيديا لأن سكين داعش ليس لها حد في القتل، مبينا ان داعش أخرت عنها أعداء الدين الحقيقيين وجعلت العدو الأول لها دين الاسلام، والا ماذا يسمى احتجاز أكثر من ألف طفل من أبناء الطائفة اليزيدية في جبال سنجار.
واستغرب الملا من قيام بعض الجهات المتطرفة بمحاسبة الناس على أفعالهم، قائلا «نحن لا يجوز لنا ان نحاسب الناس ونطبق عليهم الحدود طالما هناك سلطة وقضاء وحاكم».
وزاد «نحن نحتاج الى موقف وألا نلتفت الى اراء الجمهور، واذا التفتنا فسنكون داعشيون دون ان نشعر، نحن لدينا رسالة نريد ابلاغها للناس وان تكون الصرخة عالية للتأكيد على ان داعش ليس لها علاقة بالاسلام، مشددا على ضرورة ان يتم رفض أشكال التطرف سواء كان سنيا أو شيعيا أو مسيحيا أو يهوديا».
الحوار أفضل
من جهته قال العلامة ابراهيم النصيراوي ان الحوار ينتج عنه المحبة والتآخي وفيه تتلاقى الأخلاق، مبينا ان الحوار هو المنطلق الذي عادة يجب ان نبدأ به، فالرسول عليه الصلاة والسلام حاور غير المسلمين وحوار الأطياف التي يختلف معها لعل يلتقى معها في نقطة ما، وبالفعل تم التلاقي وانتشر الاسلام بهذه الطريقة.
وأضاف النصيراوي «نعلم ان الاسلام هو خاتم الأديان وجاء معززا بالقرآن وهو الدين الذي يقبله الله، فالدين عند الله الاسلام، ولكن علينا ألا نلغي الاخرين، بل علينا محاورتهم للوصول الى نقاط تفاهم، يجب ان يكون الحوار فيما بيننا وبين بقية ممثلي الأديان حتى مع الذين نختلف معهم، فالحوار من أدب القرآن ومن تعاليم النبي».
ولم يفت النصيراوي توجيه الشكر للكويت لاحتضانها مثل هذه اللقاءات التي من شأنها ان تقرب وجهات النظر.
بدوره قال الشيخ ضياء الدين النجيفي بدوره انه لا يوجد فرق بين سني أو شيعي طالما تجمعهم راية أشهد ألا اله الا الله وأن محمد رسول الله، شاكرا الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الاسلامي على اقامة هذا اللقاء الذي يناقش مسألة حوار الأديان والحضارات والتقريب بين الأديان السماوية والتركيز على المشتركات بين الأديان، مؤكدا ان الدين الاسلامي دين رحمة وتسامح وسلم، والاختلاف بين أبناء البشر من سنن الكون.
وأوضح النجيفي ان الرسول صلى الله عليه وعلى أله وسلم بدأ حركته الدعوية والاجتماعية بكلمة «قولوا لا اله الا الله تفلحوا»، «انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، حيث لا يمكن للدين ان يعيش دون أخلاق».
وأضاف النجيفي ان مسألة تقريب الأديان أصبحت أمل البشرية للتخلص من الارهاب والتكفير، والرسول وضع لهذا الأمر حجر الأساس عندما بعث صحابته الى ملك الحبشة النجاشي ليأمنوا مكره.